
أصبحت منطقة شمال أفريقيا من أسرع المناطق نموًا في السياحة العالمية، حيث تجذب المسافرين من جميع أنحاء العالم بتجاربها المميزة والغامرة. ومع ذلك، بينما لا تزال دول مثل مصر والمغرب تُهيمن على المشهد السياحي، تشهد العديد من الوجهات الأقل شهرة في شمال القارة ازدهارًا سياحيًا ملحوظًا. تُعدّ الجزائر وليبيا وموريتانيا من بين الوجهات الصاعدة في سياحة شمال أفريقيا، حيث تُقدّم تجربة أصيلة للمسافرين المغامرين الباحثين عن تجارب فريدة. ولكن على الرغم من شعبيتها المتزايدة، تُصدر هذه الدول تحذيرات سفر هامة لمواطني المملكة المتحدة.
ازدهرت السياحة في شمال إفريقيا في السنوات الأخيرة، حيث شهدت العديد من الدول زيادة في أعداد الزوار. وقد سهّل توسيع أنظمة التأشيرات الإلكترونية في الجزائر وليبيا وموريتانيا على المسافرين الدوليين زيارة هذه الدول. وأشارت شركة "أنتامد بوردرز"، وهي شركة متخصصة في رحلات المغامرات، إلى أن تطبيق أنظمة التأشيرات الإلكترونية أدى إلى طفرة في السياحة، لا سيما في الجزائر، حيث ارتفع عدد الزوار بنسبة 10% ليصل إلى حوالي 3.5 مليون زائر في عام 2024. ومن المتوقع أن تحذو موريتانيا وليبيا حذوهما، مستفيدتين من النظام نفسه. وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، لا تزال نصائح السفر الصادرة عن وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية (FCDO) حذرة، حيث تُصدر تحذيرات لأجزاء من هذه الدول بسبب المخاوف الأمنية المستمرة.
تنصح وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية حاليًا بعدم السفر إلى مناطق معينة في الجزائر، وجميع السفر إلى أجزاء من ليبيا، والسفر غير الضروري إلى بعض المناطق في موريتانيا. مع أنه يُمكن لمواطني المملكة المتحدة زيارة بعض مناطق هذه الدول، إلا أنه يجب على المسافرين مراجعة تحذيرات السفر بعناية والاطلاع على أحدث الإرشادات على موقع GOV.UK قبل وضع أي خطط سفر. مع أن هذه الدول تزخر بمواقع تاريخية وثقافية وطبيعية استثنائية، إلا أن المخاطر الأمنية في بعض المناطق تجعلها خطرًا محتملًا على السياح.
على سبيل المثال، تزخر الجزائر بمجموعة واسعة من المواقع التاريخية الآسرة، بما في ذلك الآثار الرومانية القديمة .
تُقدم هذه المواقع لمحة عن تاريخ البلاد وتراثها الغني. وتُعدّ كنيسة نوتردام دافريك، الواقعة في الجزائر العاصمة، معلمًا آخر لا بد من زيارته، وهي معروفة بجمالها المعماري وأهميتها التاريخية. يُصنّف موقع TripAdvisor هذه الكنيسة كواحدة من أفضل مناطق الجذب في الجزائر، مما يجعلها وجهة شهيرة للزوار المهتمين بمزيج البلاد الفريد من التاريخ والثقافة. وعلى الرغم من هذه المعالم، يُنصح المسافرون بتوخي الحذر في بعض المناطق نظرًا للمخاوف الأمنية المستمرة.
ليبيا، الدولة التي اشتهرت سابقًا بكنوزها التاريخية، تفتخر أيضًا بمعالم ثقافية وتاريخية مهمة. تُعد لبدة الكبرى، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، واحدة من أفضل المدن الرومانية المحفوظة في العالم، وتوفر فرصة رائعة للمسافرين لاستكشاف الآثار القديمة. تُوفر هياكل المدينة المحفوظة جيدًا، بما في ذلك المسارح الكبرى والحمامات والمعابد، نافذة لا مثيل لها على الحضارة الرومانية القديمة. ولمن يبحث عن تجربة أكثر مغامرة، تُعدّ الصحراء الكبرى وجهة سياحية شهيرة أخرى. يُقدّم المرشدون المحليون جولات عبر هذه المناظر الطبيعية الشاسعة والخلابة، مما يسمح للمسافرين بتجربة عظمة الصحراء. وعلى الرغم من هذه المعالم الفريدة، فإن عدم الاستقرار المستمر في ليبيا والمخاوف الأمنية في بعض المناطق تُصعّب السفر على الزوار الأجانب.
تُقدّم موريتانيا، التي غالبًا ما يغفل عنها السياح الرئيسيون، بعضًا من أكثر المناظر الطبيعية نقاءً في شمال إفريقيا. تُعد حديقة جاولينغ الوطنية، المُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وجهةً أساسيةً لعشاق الطبيعة.
تُعرف الحديقة بأنها واحدة من أهم المناطق في العالم لتعشيش الطيور، وهي موطن لمجموعة متنوعة من الحيوانات البرية، وتُتيح فرصة فريدة لتجربة التنوع البيولوجي الغني في إفريقيا. تُوفّر المناظر الطبيعية الشاسعة والبكر في الحديقة بيئةً مثاليةً للمسافرين الذين يتطلعون إلى التواصل مع الطبيعة ومشاهدة الجمال الأخّاذ لشمال إفريقيا.
إن موريتانيا، بجمالها الطبيعي النائي وقلة استكشافها، تجعلها وجهةً جذابةً لمن يبحثون عن العزلة وتجربة سفر أكثر حميمية.
ومع تزايد أعداد السياح الوافدين إلى شمال إفريقيا، بدأت حتى الوجهات النائية تعاني من ضغوط السياحة المفرطة. فالشعبية المتزايدة للجزائر وليبيا وموريتانيا تعني أن المسافرين الباحثين عن تجربة فريدة من نوعها وبعيدة عن صخب الحياة قد يجدون صعوبةً أكبر في الهروب من الزحام. ومع تزايد عدد الزوار الذين يجذبون المنطقة، فإن الأصالة التي كانت تميز هذه الوجهات في السابق معرضةٌ لخطر الاختفاء بسبب السياحة الجماعية. وقد تصبح فرصة تجربة هذه البلدان كـ"جواهر خفية" أكثر صعوبةً مع استمرار توسع البنية التحتية السياحية في المنطقة.
بالإضافة إلى زيادة أعداد السياح، يشهد المشهد السياحي في شمال إفريقيا تطورًا ملحوظًا مع إدخال وسائل الراحة والخدمات الحديثة. وقد سهّل انتشار أنظمة التأشيرات الإلكترونية في الجزائر وليبيا وموريتانيا على المسافرين تخطيط وتنظيم رحلاتهم إلى هذه الوجهات. تُزيل سهولة الحصول على التأشيرة الإلكترونية العديد من العقبات البيروقراطية التي كان المسافرون يواجهونها عند التخطيط لزياراتهم إلى هذه الدول. وقد شكّل هذا التحديث عاملاً هاماً في ازدهار السياحة في المنطقة، إذ وفّر تجربةً أكثر سلاسةً وسهولةً للزوار الأجانب.
مع استمرار نموّ شمال إفريقيا كمركزٍ سياحي، يبقى أن نرى كيف ستتعامل هذه الوجهات الناشئة مع ضغوط زيادة الزيارات. تُقدّم الجزائر وليبيا وموريتانيا للمسافرين لمحةً فريدةً عن قلب القارة، بإرثها التاريخي الغنيّ، ومناظرها الطبيعية الخلابة، وتجاربها الثقافية الأصيلة. ومع ذلك، من الضروري أن يظلّ السائحون المحتملون على درايةٍ بالمخاطر وأن يلتزموا بتحذيرات السفر لضمان زيارةٍ آمنةٍ وممتعة.
لمن يرغب في المغامرة خارج المسارات السياحية المألوفة في مصر والمغرب، تُقدم وجهات شمال أفريقيا الأقل شهرةً بعضًا من أكثر تجارب السفر إثارةً وتميزًا في العالم. ومع ذلك، ومع استمرار المنطقة في ازدهار السياحة، من المهم للمسافرين أن يضعوا في اعتبارهم التحديات التي تصاحب استكشاف هذه الوجهات الناشئة. سواءً كانوا يستكشفون الآثار الرومانية القديمة في الجزائر، أو يغامرون في الصحراء الكبرى في ليبيا، أو يراقبون الطيور في المتنزهات الوطنية النائية في موريتانيا، فإن شمال أفريقيا يَعِد برحلة استكشافية - ولكنها رحلة تتطلب تخطيطًا ودراسةً دقيقين.
المصدر
Algeria Libya and Mauritania Experience Explosive Tourism Growth as Adventurous Travelers Flock to North Africa’s Untouched Gems Despite Ongoing Travel Alerts - Travel And Tour World